كان هناك رابط غريب يربطها بحجرتها ..كانت تمكث فيها طويلا .. وما أن يطرق احدهم باب حجرتها حتى تضطرب وتتلعثم ثم ترد بصوت سريع حسنا...حسنا....
أنا قادمة..
اعتادت أن تخرج لهم الساعة السادسة مساء وتقضي ماتبقى من اليوم مع والديها فلم يكن يوجد في المنزل سواهما فهي وحيدتهما
تشاركهم أحاديثهم وتمارس شغبها بينهم وما أن تعانق عقارب الساعة الثانية عشر معلنة ميلاد يوم جديد إلا ويعلو الحزن محياها وتتبدل ضحكتها
التي كانت تطلقها بين والديها إلى صمت وشرود..
الآن والديها سيتوجهان إلى حجرتهما للنوم وهي ستعود إلى حجرتها للوحدة...
((ملـــــــــــت كثيرا من وحدتها)) هكذا همست والدتها لوالدها وهما يتوجهان للنوم ..
أما نور ..فقد حملت نفسها بتثاقل وأخذت تدور في أرجاء المنزل وكأنها تبحث عن شخص أضاعته في احد أركانه ليسهر معها...
علمت حينها أن محاولتها في البحث فاشلة لأنه لايوجد من يسامرها سوا أحزانها وهمومها.......
و هم من يسامرونها دوما..
عندها توجهت (لسجنها الدائم ) هذا ماكانت تطلقه على حجرتها..
تمددت على سريرها وأخذت تنظر فوجدت حولها...صوره.. هداياه..بقايا اشعاره..ورقات من مذكراته..
أرادت أن تتناسى مايحيط بها فأخذت تقلب أوراق دونتها بأناملها...
فلم تجد فيها سوا الأحزان,,و الدموع..وجدت حروفها تأن وجعا.... وتنزفا آلما...
ظهرت في صفحات كتابها صورته.. فأطلقت عبارتها الدائمة ..((لماذا فعلت بي مافعلت وأنا لم أكن استحق وجعك))...
أحبته على مدى 5 سنوات كانت طفله عندما مد لها يده لينتشلها من عالم الطفولة كان عمرها حينها 16 سنه ولكن ببراءتها تعادل براءة الخمس سنين
فهي وحيده لم تكن تعرف سوى والديها وصديقات يعدون على أصابع اليد الواحدة ..
وبالرغم من قلتهم إلا أنهم أيضا يتوافقون معها في بيئتها وأفكارها ..
لم يكن محيطها يتسع لسواهم ..
إلا أن جلست معه بالصدفة عندما التقت به في منزل احد أقربائها كان قد أتى من مدينته لزيارتهم كانت في البداية لم تعره أي اهتمام
سوى انه كما ذكرت لها والدتها بأنه قريب لها لابد أن تصافحه وتهنيه على سلامة الوصول فما كان منها إلا أن استجابت لأمر والدتها ...
لم يكن بينهم أي حديث أو تعارف من قبل إلا تلك الليلة التي كانت نقطة تحول في حياتها..
اخذ يتحدث معها عن نفسه واهتماماته وهواياته رأت فيه الكثير من شخصيتها فقد كان رفيقه الكتاب مثلها تماما .. كان يحب الشعر ويكتب الخواطر...
اخبرها عن عشقه للحاسب الالي وتمكنه منه ..!! قالت له انا أحبه أيضا ولكن خبرتي فيه قليله....!!!
اخبرها عن عالم الانترنت ...!!ولكن إجابتها كانت أسرع بأنها تجهله تماما....
نظر لها بابتسامه وقال لها سأخبرك لاحقا عن هذا العالم وكيفية الدخول إليه...؟
قالت حسنا بفرح ولم تعلم أن إجابتها هذه كانت كالطوق الذي طوق به عنقها ...!!!
ارتاحت كثيرا لشخصيته وهدوءه واتزانه ....لم تكن قد رسمت من قبل ملامح للصفات التي تحبها في الرجل لأنها كانت نقيه لم تعرف من هذا الجنس سوى والدها
الذي كانت تعشقه حد الجنون ولم تكن تظن بان يأتي شخص مهما كان ويدخل قلبها ويقاسم والدها فيه...
انتهى اللقاء بينهم ذلك اليوم ... ولكن لم تغادر تفكيره طوال تلك الليلة ...
أما هي فقد فكرت قليلا في شخصيته التي تقارب من شخصيتها ثم غطت في سبات عميق...
وفي الغد كان ينتظرها ..في نفس ذلك البيت الذي تعودت ان تزوره ولكن لم تعلم بوجوده ...
وبمجرد دخولها أتى إليها مبتسما قائلا: كنت اعلم انك ستأتين...تلعثمت بخجل وقالت نعم فقد اعتد أن ازور جود باستمرار وخصوصا في الإجازات...
قطعت جود حديثهما بحضورها لترحيب بها ولكن عادل عاجلهم بقوله اسمحوا لي بان أشارككم اليوم جلستكم لم تبدو أيا منهم أي اعتراض...
جلس معهم وكانت جميع كلماته موجهه لنور فقط وكأن جود لاوجود لها..
اخبرها الكثير عن عالم الانترنت .. وجعل لها بريدا الكترونيا .. وزودها ببريده الالكتروني..همس لها يجب أن تحفظيه عن ظهر قلب..
وبعد أن قضت يومها كاملا برفقة جود بل عادل هذه المرة..عادت لوحدتها من جديد ولكن هذا اليوم مختلف لأنها فتحت حاسبها الشخصي
لتطبق ماعلمها إياه عادل لتفاجأ بأنه أرسل لها العديد من الرسائل ..
فتحت الرسالة الأولى
فوجدتها بطاقة عليها وجهان رائعان واحدهم يهمس للأخر ((ذبحني الشوق في غيابك))
ابتسمت بل ضحكت هذه المرة من كل قلبها حتى أن جدران حجرتها استنكرت هذا الصوت فهي لم تعتد عليه..
لم تكن قد اعتادت على هذا الكلام وكيف يقول لها وهي لم تفارقه إلا قبل دقائق معدودة..
ثم كيف استطاع بهذه السرعة أن يرسلها؟؟
فتحت الرسالة الثانية
فوجدتها صورته ووضع عنوانها ((تذكريني دائما))...
أما الرسالة الثالثة
فقد فعلت بها الكثير..
كانت عبارة عن كلمات وداع موجهة من قلب عادل إلى قلب نور...!!
فهو سيغادر في الصباح إلى مدينته .. صرخت بصمتها لا لا ترحل فلم يجبها سوى صمتها أيضا..
سقطت دموعها بلاشعور منها عندما علمت برحيله ودموعها غالية لاتسقط إلا على الغالين فقط عندها أيقنت أن عادل ليس شخص عادي بالنسبة لها
أيعقل أن عادل وصل لهذا المرحلة بالنسبة لها؟؟؟؟..
أخذت تجفف دموعها وتعيد قراءة كلماته وهي تتساءل لماذا الآن بالذات سيرحل مازلت احتاج إليه ..
لا أنا احتاج فقط لتعليمه؟؟؟
لا اعلم ماذا احتاج منه ولكن مااعلمه أنني لااريده أن يرحل...
حاولت أن تكتب له ولو رسالة واحد وترسلها ولكنها فشلت...!!
حاولت الاتصال بجود ولكن دون جدوى... أخيرا حاولت النوم ولكن لافائده فالنوم هذه الليلة كان قد أعلن الحرب ضد جفنيها ...
ماالحل ماذا تفعل ...؟؟؟
لم يكن أمامها إلا أن أمسكت بورقة وبدت تدون إحساسها في هذه اللحظة ..وعاهدت نفسها بان لاتوصل هذا الشعور لعادل مهما كان فعادل غريب عنها
ولا يصح أن تتقرب منه أكثر من ذلك..
ولكن لم تعلم أن عادل قد وضعها في باله ومحال أن يتنازل عنها بسهوله...
مرت الليالي الطوال وعادل لم يفوت أي فرصه إلا ويطمئن على صحتها ويغرقها بالكلمات الحانية
كان عادل بالنسبة لها أنيس وحدتها... ثم تطور الوضع إلا أن أصبح يشاركها كل تفاصيل حياتها يمسح دموعها ويعالج جروحها ...
قتل وحدتها بوجوده الدائم بالقرب منها...
اعتادت على حضوره وكلما احتاجته قطع المسافات الطويلة ليحضر إليها ...
كانت نور تستحق حبه فقد كانت حنونة..طيبة القلب..متواضعة...رومانسيه...جميله ...جذابه...عاشقة حد الجنون...
كان يعلم بطهرها وان قلبها مازال عفيفا لم يسكنه سواه...كان يعلم أن نور على استعداد لان تقدم له قلبها على طبق من ذهب...
كانت تعامله بتضحية ليس لها آخر كانت تغدق عليه الحب بلا مقابل...
كانت تذكره بالمناسبات المهمة في حياته وترسل له الهدايا ...
أحبته بدون قيود ودونت على جبين الأيام عبارتها الخالدة ((سأحب عادل بلا توقف))
أحست والدتها بالعلاقة التي تربطها بعادل...فقامت الحرب بينهم... وحاولت مرارا ان تبعدها عنه..
وقالت لها :انك تمشين في الطريق الخاطئة دعيك من هذا ودعينا نعيش بسلام...!!!
كانت تبكي خوفا من فقدانه كانت تشكي لوحدتها من خسرانه...
كانت تعاتب أمها في سرها (( فهي من قالت لها صافحيه ذات مساء وهنئيه بالسلامة ))
كيف لها الآن أن تقول لي اسحبي يدك التي ممدتيها من بين يديه كيف لها أن تطلبني الآن بان اخرج قلبي من بين أضلعه..
كيف لها بان تطلب مني أن أعيش بسلام وهي تقتلني في اليوم مئة مره وتمشى على دمائي..؟؟؟
تركت هذه الأفكار مجبره لان عادل الآن يتصل بها...
أجابته :
هلا قلبي...
_ليه تاخرتي...؟؟؟
تلعثمت بماذا تجيب؟؟؟ هل تخبره بأنها كانت تبكي ؟؟؟ أم تخبره بما يدور في فكر والدتها ...
فضلت أن تجيبه بطريقة مختلفة...
حبيبي أبي أسمعك أغنيه.. ممكن؟؟؟
أكيد ممكن بس ترى هالشيء مايعفيك من الاجابه... لم ترد على كلامه...
لان الاغنيه كانت اسبق...
//صرت أخاف وخوفي إني أفقدك وأنت تدري كل شيء عندي يهون إلا إني أفقدك...
يامعلمني احبك حيل احبك أغلى من روحي وأبيك ..//
عندها لم تستطع أن تحتمل أكثر فانفجرت بالبكاء....